نار وهدنه

نار وهدنه (الفصل السادس )

نار وهدنه (الفصل السادس )

نار وهدنة
عشق لا يعرف الرحمة،
حبها وجع… ووجعها حب،
والخضوع فيها ليس هزيمة، بل أول خطوة في أخطر لعبة كسر إرادة.

🔥 حين تبدأ الهدنة، يبدأ كل شيء بالاشتعال.

فنهضت فجأة وركضت باتجاه الباب وهتفت : سلطان، استنى!
هتفت بها وهي تلهث، وكأن اللحظة تخطفها من النوم إلى الحقيقة دفعة واحدة.

توقف عند الباب، والتفت ليستقبلها بين ذراعيه، ثم ضمها إليه بقوة، ورفعها قليلًا عن الأرض ، وهمس:خلي بالك من نفسك… وذاكري كويس، كويس أوي أوي، فاهمة؟ وأنا مش هتأخر، يومين بالكثير.

نظرت إليه ودموعها بدأت تتسلل على وجنتيها ، ثم غمغمت بنبرة مرتجفة: سلطان، أنا خايفة… المرة اللي فاتت لما سافرت، الزفت ده جه، ومحدش عرف يوقفه غيرك… أنا…

رفع يده سريعًا ووضعها على شفتيها، ليقطع نوبة القلق التي تغزوها، ثم هتف بحزم يليق بثباته: متخافيش… محدش يقدر يقربلك، حتى لو أنا مش هنا. أوعي تخافي، فاهمة؟

نظرت إليه بصمت وشك صغير يتسلل من عينيها، لكنه قابل ذلك الحزن بلمسة حانية، وضع يده على وجنتيها ومسح دموعها، وهمس بصوت هادئ لكن لا يخلو من قوة:لازم تثقي فيا يا ضي… أنا هنا ولا مش هنا، انتي ف أمان. في بيتي. الرجالة حوالين البيت، وعندهم أوامر يطيروا رقبة أي حد يعتب الحارة. اهدي… ماشي؟

أومأت برأسها، وهمسة بصوت خافت: ماشي…

قبلها من جديد، قبلة طويلة، غاص فيها حتى عمق روحها، وجذبها من خصرها إليه بقوة، فلفت ذراعيها حول عنقه بخجل واضح، وبادلته القبلة على استحياء، حتى فصل شفتيه عنها، وقال بنبرة آمرة تخالطها حنية: أوعي تهملي مذكرتك… مفهوم؟

تنفست بأنفاس لاهثة، وقالت بنعومة: أممم…

ربت على وجنتها بحنان رجولي، ثم فتح الباب، وخرج مغلقا إياه خلفه.
وقفت ضي خلف الباب، تضع كفها على صدره ودقات قلبها تصم اذانها..
……….

في أرض بيضاء كالجليد… روسيا الباردة

هبطت الطائرة الخاصة بسلطان الهواري فوق مدرج خاص يكسوه الصقيع. وما إن استقرت العجلات على الأرض، حتى انفتح الباب، وترجل سلطان بخطوات واثقة، قاسية، تحمل صلابة الصحاري التي خرج منها رغم برد المكان.

كان في انتظاره ستة رجال ضخام الجثة، شقر البشرة، تعلو ملامحهم مزيج من الصرامة والانضباط العسكري. وما إن لمس الأرض بنعاله حتى انتبه الجميع لوجوده، واقترب أحدهم منه بخطى مدروسة، ثم هتف بلغة تحمل ثقل الجليد:

Добро пожаловать, г-н Султан.
أهلاً بك، مستر سلطان.

أومأ سلطان برأسه دون أن يبطئ من خطواته، وقال بثبات وهو يحدق في وجه محدثه:

Что случилось, Маркуc?
ما الأخبار يا ماركوس؟

أسرع ماركوس بمسايرته، محاولًا اللحاق بخطاه التي لا تعرف التوقف، ثم أجابه:

Новое оружие готово, и вам стоит его опробовать, сэр.
تم الانتهاء من تطوير السلاح الجديد، ويجب عليك تجربته، سيدي.

أومأ سلطان دون أن يبطئ من اندفاعه:

Что еще я хочу сделать? Я хочу все закончить и вернуться как можно скорее, Маркус.
وماذا بعد؟ أريد إنهاء كل شيء والعودة في أسرع وقت، ماركوس.

أشار له ماركوس قائلاً:

Есть несколько бизнесменов, которые хотят встретиться с вами, чтобы заключить новую сделку.
يوجد بعض رجال الأعمال يرغبون في لقائك لعقد صفقة جديدة.

دخل سلطان إلى قصره، ذاك المبني الشاهق الذي بدا وكأنه أسطورة من أساطير الجليد. كأنما نحت من صخور نادرة، تلمع تحت شمس خجولة لا تذيب الثلج. ألقى نظرة واسعة على الداخل، ثم سأل بفتور:

Какой вы национальности?
ما جنسية هؤلاء؟

فتح ماركوس هاتفه ورد:

Один украинец, один афганец и один пакистанец.
أحدهم أوكراني، وآخر إيطالي، والثالث باكستاني.

أشار له سلطان بيده في حركة حاسمة:

Я хочу сегодня опробовать новое оружие и встретиться с ними завтра.
أريد تجربة السلاح اليوم، ومقابلتهم غدًا.

أومأ ماركوس سريعًا، ثم انسحب. عندها، أخرج سلطان هاتفه، ونظر إلى صورة ضي وهي نائمة… بدت له وكأنها تنتمي لعالم آخر، عالم دافئ لا يشبه عالمه الباردة.

مسح على الشاشة بإصبعه، وحدق مطولًا، وهمس بشوق خافت: وحشتيني يا ضي السلطان…اول مره اخاف كده وأكره كل حاجه حوليه !!

بعد وقت قصير، عاد ماركوس، وهتف:

Все готово, сэр.
كل شيء جاهز، سيدي.

نهض سلطان، وتحرك بخطى ثابتة، يتبعه ماركوس، حتى وصلا إلى واحد من أكبر مصانع الأسلحة الروسية في أوروبا الشرقية ملكية كاملة لسلطان للهواري….
جنرال السلاح ف اوربا صرح صناعي مرعب، بني من أجل الهيمنة… وفرض السيطرة علي مافيا السلاح ف العالم …

استقبله رجل آخر يحمل سلاحا حديثا مطور، وسلمه لسلطان باحترام بالغ… التقطه الأخير، وبدأ بفحصه بدقة… عيناه تتحركان فوق التفاصيل كأنما يقرأ كتابًا مألوفا.

فحص كل جزء بشغف خبير، ثم رفع قدمه فوق أحد الصناديق الحديدية. اقترب منه مساعد آخر، ووضع سماعة على أذنيه، وتراجع سريعًا. رفع سلطان السلاح بثقة، وحدق من خلال المنظار، ثم أطلق الرصاص.

دوي صوت عنيف، وانفجرت الصندوق في لمح البصر.

ارتسمت ابتسامة باهتة على طرف شفتيه، وهز رأسه برضا وهمس : جامد.

اقترب أحد المهندسين، التقط السلاح، وهز رأسه دون كلمة.

نظر سلطان إلى ماركوس، وأصدر أوامره ببرود:

Хорошо, Маркус, новое оружие внесено в список. Можешь его продать.
جيد، ماركوس. أضف السلاح إلى القائمة، يمكنكم البدء في بيعه.

أومأ ماركوس مطيعًا:

Хорошо, сэр.
حسنا سيدي!!

ثم تحرك سلطان عائدًا إلى مكتبه داخل المصنع، يمارس عمله بدقة لا تعرف التهاون، وكأنما الزمن عدوه الأكبر، وكأن كل شيء يجب أن ينتهي… قبل أن يعود سريعًا إلى قلب دافئ تركه هناك، في وطن اسمه: ضي
…………………………….
في شقة سلطان الهواري،

كان السكون يخيم على المكان، لا يسمع سوى صوت خافت لصفحات الكتب حين تقلبها ضي بتأن، كأنها تفتش بين السطور عن شيء لا علاقة له بالمذاكرة. قطع هذا الصمت طرقات هادئة على الباب.

نهضت ضي بخطى وئيدة وفتحت الباب بحذر، لتجد أمامها عايدة و حياة، تحملان علب الطعام وتفوح منهما رائحة الأمومة والونس.

ابتسمت عايدة، وقالت بصوت يفيض حنانًا: ايه يا بنتي؟ ما نزلتيش ليه طول النهار؟

ارتسمت على وجه ضي ابتسامة رقيقة، وقالت بنبرة ناعمة: معلش يا طنط، كنت صحيت متأخر وكنت بذاكر.

دلفت حياة إلى الداخل وهي تهتف بمرح طفولي:
هتموتي في المذاكرة، مش عارفة على إيه! أنا قربت أشد في شعري، يا ضي!

ضحكت ضي وضمتها بمحبة، وقالت: اهدي يا حياة، وتعالي نذاكر سوا.

رفعت حياة رأسها بنزق طفولي وهمسة بعينين متأففتين:
وأنا اللي كنت فاكراك هتقوليلي نطلع نغير جو… تقوليلي نذاكر؟

قهقهت عايدة وهي تضع العلب على الطاولة، وقالت بصوت فيه من الحنو ما يربك القلب: يا خرابي من دلع البنات! يلا يا بت، وسعيلي خليني أدخل.

فسحت الفتاتان المجال لها، وهن يضحكن برقة. وضعت عايدة الطعام على المائدة، وهتفت بحزم مفعم بالحب:
كولوا وذاكروا، وبلاش الأفكار الغريبة دي. الجو بره برد يا حبيبتي.

ضحكت ضي وقالت بدلع محبب: حاضر يا أجمل ديدي… هنذاكر.”

ابتسمت عايدة ابتسامة أم تهب قلبها لمن تحب، ثم ألقت قبلة في الهواء نحو ضي وقالت برقة: يا اختي، إن شاء الله يخليكي ليا يا روح طنط.

تأففت حياة بتمثيل غاضب وربعت ذراعيها وقالت : وأنا إيه؟ خلة سنان واقفة هنا؟ طيب أروح أجيب شجرة واتنين ليمون ولا أعمل إيه؟

ضحكت عايدة وهي تتجه نحو الباب، وقالت:عارفة تعملي إيه؟ تذاكري يا أختي. عايزة أشوف كتاب بيتفتح بدل ما أفتح دماغك!

ضحكت الفتاتان، وقالت حياة بمشاكسة: تحت أمرك يا ست الكل، هنذاكر ونوّفع راسك.

أومأت عايدة برأسها، وخرجت وهي تدعو لهن بقلب أُم لا يعرف غير الخير.

دلفت ضي إلى الداخل وقالت بجدية: يلا تعالي، مفيش وقت.

لكن حياة رمقت المائدة بطرف عينها وقالت بإلحاح شهي: طيب ناكل الأول طب!

قهقهت ضي وهزت رأسها بيأس وقالت : طب إزاي يعني؟ تعالي بلاش حجج عشان تهربي من المذاكرة!

سحبتها من يدها وجذبتها إلى الطاولة، وجلستا معًا تتصفحان الكتب.
مر وقت طويل، حتى ألقت ضي الكتاب على الطاولة بزفرة متعبة، وغاصت في مقعدها.

نظرت لها حياة وقالت بمكر: تعبتي؟ نقوم ناكل بقى؟

رفعت ضي حاجبها بدهشة وقالت: يا بنتي ارحميني، وانسي الأكل شوية!

هزت حياة رأسها بإصرار، وغمغمت: مستحيل طبعًا!”

ضحكت ضي بخفة، ثم سرى في صوتها توتر خافت حاولت إخفاءه وقالت : هو… سلطان كلمك؟ أو كلم طنط؟

أطلقت حياة ضحكة عفوية وقالت: سلطان؟ يكلمنا؟ وهو مسافر؟ ليه؟ القيامة هتقوم؟! ده حتى فونه بيبقى مقفول!

قطبت ضي حاجبيها بحزن وهمسة: ليه كده طيب؟ طب ولو عايزين نطمن عليه؟

رفعت حياة كتفيها بعدم اكتراث وقالت: بنستنى لحد ما يرجع. اتعودنا عليه كده، هو كده من زمان.

صمتت ضي لكن قلبها لم يصمت. كان يهوي في داخلها برعب خفي، كلما فكرت أنه بعيد، وكلما تذكرت وحدتها في غيابه.

راقبتها حياة وهي تسرح، فغمزت بمكر وقالت بخبث: ياااه… إحنا وقعنا ولا إيه؟ سلطان وحشك بالسرعة دي؟

عضت ضي شفتها بخجل وغمغمت: بس بقى! إيه اللي بتقولي ده؟”

ضحكت حياة بمرح وقالت: أنا كنت فاكراك هتبقي مبسوطة إنه سافر، ترتاحي من الشخط والزعيق، لكن شكلي كنت غلطانة، ولا إيه؟

رفعت ضي قلمها وألقته نحوها وقالت بحدة مصطنعة تخفي خجلًا لا يحتمل: اسكتي يا حياة… وذاكري!”

قهقهت حياة وقالت بسخرية لطيفة : ماشي هسكت… بس أنتي هتيجي تحكيلي لوحدك. ما إنتي هتحكي لمين غيري؟

ضحكت ضي بدورها، لأول مرة منذ الصباح، على عفوية حياة وجنونها… وراودها يقين ناعم، أن وجود سلطان في حياتها لم يكن مجرد زوج… بل مصدر الأمان

………….
في شقة عمار…

كانت السماء تميل إلى العتمة، والنسيم ينساب خفيفًا من شرفة مفتوحه ، حين دلف علي بخطوات هادئة. عينه وقعت مباشرة على عمار، الجالس هناك في الشرفة، مائل الجسد، متكئ على المقعد وكأن الهم قد أثقل كتفيه، وغاب بصره في البعيد.

اقترب علي بخطى محسوبة، ووضع يده على كتف أخيه برفق، وهمس بصوت يملؤه الندم: عمار…

التفت إليه عمار ببطء، دون أن ينبس بكلمة، وصمته كان أقسى من أي عتاب. جلس علي أمامه، يضم كفيه بين راحتيه، ثم قال بصوت متهدج: أنا عارف إنك زعلان مني… أنا كنت حيوان، فعلاً. بس والله ما كنت أقصد أجرحك، أنا كنت خايف على ضي… إنت عارف أنا بحبها قد إيه. دي أختي الوحيدة.

تحركت عينا عمار ببطء نحوه، نظراته كانت ممتلئة بالعتاب، ثم تمتم بلهجة حادة هادئة: يعني وأنا مش بحبها؟ مش عايز مصلحتها؟ مش عايز أطمن عليها؟ بس أطمن وهي مع راجل بجد… راجل يعرف يحميها ويصونها، مش يهينها ولا يطول لسانه عليها.

أومأ علي سريعًا، وأخفض نظره: عارف… عارف، وأنا غلطان… حقك عليا يا عمار، والله آسف… آسف بجد.

صمت عمار للحظة، ثم هز رأسه ببطء: ماشي يا علي. أنا هقدر الضغط اللي كنا فيه… كلنا كنا تايهين، وأنا مش بلومك على خوفك.

ابتسم علي بامتنان، ونهض فجأة ليضم عمار إلى صدره، هامسًا بصوت مكسور: أنا معرفش أعيش وانت زعلان مني، يا عمار… والله ما اعرف.

ربت عمار على ظهره بحنان أخوي صادق: ولا أنا يا علي… إنت، وإبراهيم، وضي… أغلى من روحي دلوقتي.

قبله علي على جبينه، وقال بإخلاص: ربنا يخليك لينا يا عمار، ويطول عمرك لينا.

وقبل أن يتبادل الأخوان المزيد من الكلمات، ظهرت ضي على باب الشرفة، بابتسامة ماكرة ونظرة مليئة بالمشاكسة، وهتفت: سيدي سيدي… إيه الحب ده كله؟!

ضحك عمار وعلي معًا، فهتف علي ممازحًا: أهي هتحسدني! صدقنا ما اتصلحنا!

لكزته ضي بخفة على كتفه، وردت بمرح: بقى كده؟! طيب، أنا زعلانة منك… هحسدكم يا علي!

ضحك علي وضمها إلى صدره بحنان:بهزر معاكي يا قلبي… هاا، عاملة إيه في المذاكرة؟

أومأت برأسها بهدوء: ماشية… الحمد لله.

هز علي رأسه، وقال بنبرة محايدة: وسلطان؟

تلونت ملامحها بابتسامة خفيفة رقيقة، وهمسة بخجل دافئ:كويس اوي معايا… بس سافر النهاردة الصبح، عنده شغل.

رمقها عمار بنظرة تحمل أكثر من مغزى، وقال وهو يرفع حاجبيه: شوفت؟

ضحك علي بتهكم: شوفت أنت ! كل عقلها في يومين!

صفق عمار كفه على كف بدهشة مصطنعة وهتف:والله فعلاً… اللي يكرهك، يتمنالك الغلط!

ضحك الجميع، ثم التفت علي إلى ضي قائلاً: طيب يا حبيبتي، تعالي باتي هنا في أوضتك، طالما سلطان مسافر.

هزت رأسها نافية، وقالت بنبرة دافئة: لا… أنا اتعودت على شقة سلطان، خلاص… برتاح فيها.

نظر إليها بحنان، وتمتم:براحتك يا قلبي… ربنا يسهلك طريقك.
………….
في اليوم التالي… داخل قصر الهواري، روسيا

ساد الصمت، لا يسمع سوى خفق أنفاس متقطعة من ثلاثة رجال يجلسون بانتظار رجل واحد. رجل لا يأتي… بل يقتحم.
دلف سلطان بخطوات واسعة تحمل قسوة العاصفة، كأن الإعصار قد لبس جسدًا بشريا. انتصب واقفًا للحظة، ثم اتجه إلى رأس الطاولة، وجلس كأن العرش فصل له خصيصًا. هيبته سابقة لجلوسه، ونظراته تقطع الأنفاس قبل أن ينطق بكلمة.

أشار إليهم بيده دون أن ينظر لأحد، وهتف بصوته الحاسم:

Вы можете начать.
يمكنكم البدء.

تقدم الرجل الأوكراني بخطوة خافتة، صوته يرتعش بين الحذر والخوف:

Чи можна забезпечити укладення угоди через кордон, сер?
هل يمكنك تأمين الصفقة عبر الحدود، سيدي؟

ارتفعت نظرة سلطان إليه، جامدة كحد السيف، ثم أجابه بلهجة لا تحتمل النقاش:

Сума до переказу буде подвоєна.
سيضاعف المبلغ المطلوب تحويله.

لم يتردد الرجل، بل أومأ بسرعة كمن أُتيحت له النجاة، وأشار إلى أحد مرافقيه. تحرك هذا الأخير سريعًا، وأجرى التحويل المالي الإلكتروني إلى حساب سلطان.

لحظات قصيرة مرت قبل أن يهتف أحد رجال سلطان بثبات:

Гроші перераховано, сер.
تم تحويل الأموال، سيدي.

أشار سلطان إلى التاجر بيده، ثم تمتم بصرامة:

Зачекайте, поки замовлення прибуде якомога швидше.
انتظر وصول الشحنة بأقصى سرعة ممكنة.

نهض الأوكراني ممتنًا للحياة، وانصرف بصمت يشي بالنجاة، يتبعه رجاله دون أن يلتفت أحدهم إلى الوراء.

حينئذ، وجه سلطان نظره إلى الرجل الثاني، وأشار له أن يتحدث. تنحنح الرجل، ثم قال مترددًا بالإيطالية:

Posso pagare dopo l’arrivo della spedizione, signore?
هل يمكنني الدفع بعد وصول الشحنة، سيدي؟

ارتسمت على شفتي سلطان ابتسامة صغيرة، لا تحمل طيبة، بل تشي بالخطر. نهض ببطء، كل خطوة منه تحمل تهديدًا كامنًا، كأن الأرض تتوجس من وقع قدميه. اقترب من الرجل، ووقف خلفه تمامًا، ثم همس بصوت ناعم كحد الموس:

Garantisci la tua longevità per questa volta, mia cara?
وهل تضمن عمرك لهذه المدة، عزيزي؟

ابتلع الرجل لعابه ، وارتجف جسده ، وهمس:

No signore… Ma—
لا، سيدي… لكن—

لم يكمل.
إذ قطع حديثه صوت طرقعه عنيف، كأن العظام تصرخ… تحت أصابع سلطان التي تطبق على عنقه، بقوة مرعبة لا تصدر إلا عن قاتل محترف. وفي لحظة، انكسر العنق بين يديه، وارتطم الجسد بالأرض كدمية بلا روح.

هدر سلطان بصوت بارد:

Neanch’io sono rassicurato.
ولا أنا أشعر بالاطمئنان.

ساد صمت ثقيل… لم يكسره إلا الرجل الثالث، الذي انتفض في مكانه وقد بهت لونه تمامًا. تمتم مرتجفًا بالباكستانيه :

अनुरोधित राशि हस्तांतरित कर दी गई है, सर। क्या हम जा सकते हैं?
تم تحويل المبلغ المطلوب يا سيدي… هل يمكننا الانصراف؟

أومأ له سلطان دون كلمة. فهم الرجل الإشارة كأنها حياة، واندفع راكضًا خارج القاعة كمن يهرب من شبح.

التفت سلطان إلى ماركوس وقال ببرود:

Быстро уберите этот беспорядок.
نظف هذه القذارة حالاً.

أومأ ماركوس فورًا:

Прямо сейчас, сэр.
في الحال، سيدي.

اقترب ماركوس خطوة، ثم تمتم بخبث معتاد:

Девушки ждут нас, сэр. Яхта готова, как обычно, но на этот раз они вам обязательно понравятся.
الفتيات في انتظارك يا سيدي، واليخت مجهز كالمعتاد، لكن هذه المرة سيعجبك بالتأكيد.

لم يلتفت له سلطان، بل نظر أمامه بثبات جامد وهمس ببرود قاطع:

Я не хочу этого времени. Можешь уйти, Маркус.
لا أريد هذه المرة. يمكنك الانصراف، ماركوس.

أومأ ماركوس باحترام، ثم تراجع بخطوات حذرة، وغادر الغرفة، تاركًا سلطان وحده… في قصره، مع دمائه، وصمته، وشوق لا يرحم… اسمه ضي.
…………………………………….
في فيلا ثروت البدري

وقف عمار أمام بوابة الفيلا العالية، تحيط به هالة من الترقب والحنين… أخرج هاتفه بيد مرتجفة قليلًا، وعبث بأزراره في صمت، ثم وضعه على أذنه، كمن يطلب من القدر صوت حياة.
لم تدم الرنة طويلًا، حتى جاءه صوتها… ناعما، دافئا، حنونا كأنفاس الشتاء على نافذة مغلقة: عمار… حبيبي، وحشتني أوي!

أغمض عينيه، وانفرجت شفتاه المرتجفتان بكلمة واحدة خرجت بصوت متهدج يحمل كل الأشواق المكبوتة: إزيك؟ عاملة إيه يا حبيبتي؟

نهضت آية من فراشها كمن أيقظها الحب من سباتها، وقالت بصوت يفيض حنين: كويسة… ناقصني إنت، وحشتني موت.

ابتسم عمار، وملامحه تذوب عشقًا، همس كمن يهب لها السماء: أنا تحت… انزلي.

شهقت آية بفرحة خالصة، وأجابت بحماس لا يقاوم:
بجد؟! أنا نازلة حالًا!

أغلقت الهاتف بسرعة، وركضت نحو الدرج كطفلة تهرول نحو حضنها الأول، نزلت بخفة ولهفة، حتى خرجت إلى الحديقة، حيث وجدته واقفا ينتظرها، كما لو كان الزمن كله ينتظر.

أسرعت نحوه، وهرعت إلى ذراعيه، فتلاقها بين أحضانه كما يتلاقى القلب مع نبضه، رفعها عن الأرض بذراعيه القويتين وهمس قرب أذنها: وحشتيني أوي… يا قلبي.

تشبثت بقميصه كأنها تخشى أن تنفلت منه، وهمسة بصوت مخنوق بالعشق: وإنت كمان… خدني يا عمار، أنا مش قادرة أعيش من غيرك.

أنزلها برفق كأنها كنز يخشى عليه من الريح، وقال بحنان مشوب بصبر الرجال: اصبري يا آية… متزوديش عليا، إنتي عارفة إني مش هسيبك، وهنتجوز… بس الصبر.

هزت رأسها موافقة، لكن الدموع سبقت الكلمات وهمسة: عارفة… بس غصب عني. إنت كنت جنبي، وكل ما أشتاقلك، ألاقيك. دلوقتي بقت المسافة كبيرة، وأنا مش قادرة أتحمل غيابك.

ربت على وجنتها بلطف، وقال بصوتٍ أقرب إلى الرجاء : ولا أنا قادر، والله… بس غصب عني. إن شاء الله، هانت، وهنتجمع تاني ومش هنتفرق.

رن الهاتف فجأة، فقطع عليهما الحلم المؤقت. نظر عمار إلى الشاشة، فوجد اسم علي يضيء عليها. أوما برأسه نحوها وقال:أنا همشي… وهجيلك تاني.

شهقت آية بدهشة، وقالت: هتمشي من عالباب كده؟! طيب سلم على بابا وماما!”

هز رأسه بالنفي، وقال بصوت هادئ: لأ، مش المرة دي… خليها المرة الجاية، هجيلك تاني يا حبي.

أومأت له برأسها في استسلام، فضمها إلى صدره، وشدد ذراعيه حولها، وهمس بصدق دامع: هتوحشيني…

ضمته كأنها تحاول اختزاله داخلها، وتمسكت بقميصه وقالت:وإنت كمان… خليك دايما واخد بالك من نفسك، ولما أرن عليك، رد عليا بسرعة.

ضحك بمرح يحاول أن يموه به الوداع، وقال: حاضر… يا حبيبتي.

ثم تحرك، يمشي بخطى بطيئة مثقلة، كأن كل خطوة تبتعد بها عنه، تنتزع جزءًا من قلبه. أشار لها بيده، ومضى.

وقفت آية مكانها، تراقب ظهره يختفي ببطء، وعيونها تغرق بصمت في بحر من الدموع، ثم تراجعت بخطوات مثقلة، وعادت إلى الداخل… تحمل في قلبها وعدًا، وفي روحها وجع الانتظار.

دلفت آية إلى الداخل بخطوات متثاقلة، غارقة في دوامة أفكارها، مشغولة البال بما حل بعمار وأخوته، وما آل إليه حالهم…وما كانت تدري أنها على وشك أن تشهد عاصفة مشتعلة من قلب فتاة هدها العشق وأرهقها الصراع ما إن أغلقت الباب خلفها حتى دوى صوت والدها الجهوري في الأرجاء، حادًا كسيف مشحوذ: كنتي فين؟!

توقفت في منتصف الرواق، شهقت من وقع المفاجأة، ثم التفتت إليه ونظرت في عينيه مباشرة، وكأنها تستمد بعضًا من شجاعتها منه وقالت : كنت مع عمار بره…

ارتفع حاجبه بدهشة ما لبثت أن انقلبت إلى غضب ظاهر، وغمغم بصوت متهدج بالغليان: بتعملي إيه مع عمار؟! أنا مش قلتلك الموضوع ده تنسيه؟!

هزت رأسها بعدم تصديق، وكأن الكلمات أثقلت سمعها، ثم ردت بنبرة ثابتة: أنسى إيه يا بابي؟! حضرتك عارف أنا وعمار بنحب بعض من زمان، ولولا إنكل عثمان مات، كنا زمانا متجوزين! هو إيه اللي جد؟!

دوى زفير تهاني الحاد من خلفه، وانفجرت بصوت غاضب:الكلام ده كان لما عمك كان عايش ومعيشهم زينا، بنفس المستوى والرفاهية… إنما دلوقتي؟ دلوقتي هو خسر كل حاجة! وبقى رايح جاي ورا البلطجية عشان يعرف يلاقي له حتة ينام فيها!

نظرت إليهما آيه بذهول مشوب بالغضب، ثم صاحت بصوت مرتجف: هو إيه اللي حصللكم؟! بدل ما تقفوا جنبهم، تقفوا ضدهم؟! بدل ما تحموا أولاد أخوك تسيبوهم للبلطجي اللي راح له عمار؟ يعني كده البلطجي طلع عنده أخلاق أكتر منكم بجـ

لكنها لم تكمل…
قطعت الجملة بصفعة نزلت كالصاعقة على وجهها، ارتدت معها إلى الجانب الآخر، وقد تجمدت أنفاسها من الصدمة. حدقت في والدها بعينين مبللتين بالدموع، وهتفت بغضب وذهول: بتضربني ليه؟! إيه الغلط اللي عملته؟ حتى لو مش هتجوز عمار، ده ابن عمي! من حقي أطمن عليه!

أمسك بذراعها بعنف، وهزها بقوة، وقد غامت عيناه بغضب عارم، وصرخ من بين فكيه المتشابكين: من النهارده… تنسي إن ليكي عم أو ابن عم! اعتبريهم ماتوا مع أبوهم! فاهمة؟!

هزت رأسها نافية، واغرورقت عيناها بدموع غزيرة وهي تهمس بتوسل ينهار:مش هقدر… أنا بحب عمار… مش هقدر أعيش من غيره…

اقتربت تهاني بسرعة، وأمسكت بذراعها الأخرى بقسوة وهي تصيح بانفعال: بقا كده؟! يبقى هنتعامل معاكي زي العيال الصغيرة! وهنحبسك ف البيت طالما مش عارفة مصلحتك! دي واحد خسر كل حاجة، عايزة تتجوزيه وتعيشي معاه ف الحارة البيئة اللي راح سكن فيها؟!

حاولت آية سحب ذراعيها، وهتفت بكل ما تبقى من قوتها: آه! أنا ميفرقش معايا! أنا بحبه… حتى لو مش معاه ولا مليم!

صرخ ثروت من خلفها، وقد انفجر صبره: يبقى انتي اخترتي… وده بقى أسلوب معاملتي ليكي!

ثم سحبها بعنف نحو غرفتها، بينما كانت تبكي وتشهق بصوت يتشقق وجعًا، تحاول الفكاك من قبضته دون جدوى. دفعها إلى الداخل، وصفق الباب خلفها بقوة أفزعت الجدران، وصرخ من خلفه: لما تعقلي… ابقي أخرجك، يا آية!

اندفعت آية تضرب الباب بكفيها، تصرخ برجاء يائس، مبلل بالدموع: حرام عليكم! افتحوا! حرام… هو ذنبه إيه؟! عمار محتاجني… حراااام… والنبي افتحواااا…

لكن لا رد… لا صوت يأتيها سوى صدى بكائها المرتد على الجدران.

تهالكت على الأرض كزهرة دهسها قطار العائلة، واستسلمت لأنينها، وغطت وجهها بكفيها المرتجفتين وهمسة بصوت مبحوح: حرام يا ناس… ليه بتعملوا فينا كده…

…………………………………….
في شقة سلطان الهواري…

كانت الردهة تغص بالأوراق والكتب المفتوحة، تتناثر حول ضي كأنها تحاول أن تحاصرها بحقيقة لا فرار منها: الامتحانات تقترب، وسلطان في الغياب. جلست وسط هذا الركام، منهكة العينين، ظهرها منحني فوق الأوراق، وعقلها غارق لا في المعلومة… بل في حضن.

كانت تذاكر بجِد، بقلب يرتجف من التوتر، وعقل مشتت بين الصيغ والمعادلات و… قبلة عميقه

تذكرت كلماته الأخيرة، ونظراته التي تشق الحجب، وعنفه الغريب الذي تسلل إلى قلبها دون استئذان، ليصبح مألوفا… محببا….

أغمضت عينيها، واستسلمت للحظة… تذكرت حرارة أنفاسه، واحتواء ذراعيه، وقبلة حملت كل تناقضاته الشراسة، والحنان، والأمان.
وضعت أصابعها على موضع القبلة، فارتجف الجلد تحتها…
كأن شفتيه لا تزالان تضمان بشرتها بعنف ملهوف،
كأن دفء أنفاسه لم يرحل بعد…
كأنها لا تزال تشعر بيه هناك، على عنقها…
يقبلها كأنها الشيء الوحيد الباقي له من العالم.

عضت على شفتيها بخجل طارئ، وبلعت لعابها بصعوبة، كأن لسانه لا يزال يمر على عنقها كنسمه ساخنة تتراقص فوق جلدها، فتوقظ فيها شيئًا لا اسم له، شيئًا أشبه بالفتنة… وأقرب للانكسار الجميل.

وفجأة—رن الهاتف.

انتفض قلبها، نظرت إلى الشاشة، ثم شهقت بسعادة كأن الحياة عادت فجأة إلى جسدها المنهك: سلطان.

مررت يدها على شعرها بتوتر، وضغطت زر الرد، ثم قالت بنبرة يختلط فيها الشوق بالخجل: سلطان…

جاءها صوته، دافئًا، ضاحكًا من بعيد: عيونه
عضت شفتها بخجل نظر له وابتسم بعبث وقال : عاملة إيه يا بت؟

ابتسمت رغم الألم، وأومأت برأسها : كويسة الحمد لله… بس مش بعرف أنام، خايفة يا سلطان.

قطب حاجبيه، وحدق في الشاشة بقلق حقيقي: مالك يا ضي؟ وشك أصفر كده ليه؟

رفعت كتفيها، ودمعة انسلت من عينيها وهمسة : معدتي بتوجعني أوي يا سلطان…اعتدل في جلسته، وبدت نبرته مشحونة بالقلق: تاني معدتك؟! إنتي قلقانة من إيه طيب؟ خايفة ليه يا ضي؟

انحنت أكثر، وارتجف صوتها: خايفة عشان إنت مش هنا… ولا عارفة أنام، ولا آكل، ولا أشرب يا سلطان.

مرر كفه على الشاشة كأنه يلمس وجهها، وتمتم بنبرة خافتة: وحشتيني أوي.

أغمضت عينيها، وابتسمت بألم حلو: وإنت كمان… وحشتني أوي.

سكت لحظة، ثم قال بمحبة لم يحاول أن يخفيها: بتذاكري يا ضي؟

أومأت بحماس كأنها تريد أن تفرحه: آه، وقربت أخلص جزء كبير… لما تيجي بالسلامة هوريك قد إيه خلصت

ابتسم، وهز رأسه:خلصانة يا ضي السلطان… هسيبك تكملي مذاكرتك. ..

ابتسمت برقة: تصبح على خير… وخلي بالك من نفسك يا سلطان.

رد عليها بصوته العميق الحنون: وإنتي من أهله… سلام.

أغلقت المكالمة، وحدقت في الشاشة لحظة، ثم ابتسمت لنفسها، وعادت إلى كتابها بإصرار غريب… وكأن صوته منحها طاقة جديدة. جلست تنهل من السطور، رغم ألم عينيها وإرهاق جسدها، تهمس بين كل صفحة وأخرى: علشان بابا وكمان سلطان… علشان أفرحهم
…………………………………..
ف مكتب خلف الحناوي ..

حيث تغشاه رائحة التبغ والعداوة القديمة، دلف صلاح بخطى منتشية، وكأنما حاز وسامًا من ندرة الذهب، وهتف بصوت يفيض بالفرح:عندي خبر بمليون جنيه يا باشا!

رفع خلف عينيه نحوه بحدة خفية وصوت مكتوم بالغضب:خير يا وش السعد؟

اقترب صلاح حتى لامست راحتاه سطح المكتب، وانحنى قليلًا كمن يحمل كنزًا وهمس : سلطان الهواري سافر… بجد المرادي!

ضاقت شفتا خلف بنفور، وغمغم بغيظ يفوح منه الحقد: أكيد سافر يقضي شهر العسل مع بنت البدري؟

هز صلاح رأسه نافيًا، وابتسامة لزجة تعلو ملامحه:
لا سافر لوحده.

قفز خلف من مقعده وكأن شرارة الشك لسعته، وهتف بفحيح مسموم: انت متأكد؟!

رد صلاح بجزم، وعيناه لا تفارقان ملامح سيده:زي ما أنا شايفك قدامي كده يا باشا!

ضحك خلف ضحكة مبهمة، تنضح بالخبث، ثم قال ببطء محسوب: مش هنعيد نفس غلطة المرة اللي فاتت… لا هجوم ولا رجالة سلطان يشوفونا جايين من آخر الدنيا!!

رمقه صلاح بنظرة فضول وقلق وقال : أمال ناوي على إيه يا باشا؟

تلألأت عينا خلف بشرر أسود، وقال بنبرة كأنها تخرج من باطن الجحيم: تاخد معاك تلات رجالة بس، وبعد نص الليل، لما الحارة تكون نامت والرجل انقطعت، تدخلوا على شقته بهدوء، تخطفوها من غير نفس!

توقف لحظة، ثم أردف وعيناه تشعان بخبث نهم: بس لازم تتخدر… تجيبها على فيلا المقطم متكتفة، والباقي عليا.

ثم ضحك ضحكة باردة وغمغم ببطء: لازم أحط راس ولاد البدري… وفوقيهم الجنرال… في الطين. فاهم؟

أومأ صلاح برأسه، وعيناه تغليان بشر دفين: فاهم يا باشا… ساعات وهتكون تحت رجلك، متكتفة، مستنية تدوس براحتك.

قهقه خلف بتهكم، وقال: هدوس… للصبح يا صلاح، ده تار بايت… ومفيش رحمة.

ثم ساد الصمت… لكن في قلب الليل، كانت المؤامرة قد بدأت تنسج خيوطها السوداء.

………………………………….
ف شقه سلطان الهواري

مر الوقت سريعًا حتي بعد منصف الليل بساعتان ، وسكون الشقة لا يقطعه سوى تقليب الأوراق، وأنفاسها المتسارعة. فجأة، شق الصوت الرتيب صمت المكان… صوت فتح باب الشقه

تجمدت، وتوقف قلبها ، وسقط الكتاب من يدها.

خطوات… سريعة… حاسمة… تقتحم الصمت.

كتمت صرخة حبستها في صدرها، وزحف بجسدها على الأرض بلا وعي حتى اختبأت خلف الأريكة، ويدها تطبق على فمها المرتجف، تمنع شهقة عالية.

عيناها تدمعان…ودقات قلبها كطبل الحرب…

كل ما فيها يصرخ : مين دخل وسلطان مش هنا ؟!
صرخه مرعوبه كادت تخرج منها لكنها خنقتها. كأنها فتاة صغيرة في حلم مفزع توقفت انفاسها ووو

يتبع

ساحره القلم ساره احمد

5 2 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments