مدونة نار وهدنه

ناار وهدنه (الفصل التاسع وعشرون)

ناار وهدنه (الفصل التاسع وعشرون)

لم تكن المرأة يومًا ضعيفة؛ إنما هي روح اختارت أن تساير قسوة الظروف، كي لا تتوقف عجلة الحياة ولا تخسر ما تبقّى لها من بقايا الأمل.
ولم تكن غبية في يوم؛ بل هي عين أبصرت أبعد من المواقف، ووقفت على طرف هذه الدنيا لتتأمل ما وراء الوجوه وما يختبئ خلفها من أسرار.
ولم تكن قاسية؛ إنما هي جرح مفتوح، نزف حتى جفّ، وقلب انكسر مرات لا تُحصى، فانطفأ فيه وهج الشعور وماتت فيه البسمة.
ولم تكن باردة؛ بل هي أنثى طُعنت مرارًا وتكرارًا، حتى وعَت الدرس القاسي: أن ليس كل رجل يستحق دفءَ المشاعر ولا سموّ المواقف.
وفي أعماق الحقيقة، تسكن امرأة رقيقة الملمس، شفافة الروح، قادرة أن تكون وطنًا وملجأ، شريطة أن تجد من يُدرك قيمتها، ويمنحها الاحتواء، ويزرع في قلبها صدقًا لا يخون.

سكنت الارجاء للحظة قصيرة، كأن الزمن توقف ليصغي لذلك الصوت الغاضب الذي دوى من خلفهم، محمل بالحنق والمرارة : خطبت بنت الراجل اللي كان طمعان في أبوك؟”

انكمش الهواء في صدورهم، والتصقت النظرات ببعضها في صمت مذهول….

التفت عمار الي الباب وانعقد حاجبه بذهول ، وصاح بصوت متقد: انتي إيه اللي جابك هنا؟ وعرفتي طريقنا إزاي؟”

ارتجفت ملامح آية بدهشة وهي تحدق فيه: مين دي يا عمار؟ وتعرف بابا إزاي؟”

ابتلع إبراهيم لعابه بريبة، غشاوة الصدمة تعلو وجهه:
انت تعرفها يا عمار؟ وتعرفها إزاي؟”

ضاقت عينا عمار بنفاد صبر، وأشار نحوها بحقد دفين، كأن جرحا قديما انفتح فجأة: قوليهم يا مدام… قولي لإبراهيم إنك سبتيه وهو لسه مكملش ست سنين… وضي اللي سيبتيها كام شهر بس! قولي لهم إنك اتخليتي عنهم عشان إنتي إنسانة مستهترة ومش مسئولة. كلمة أم كبيرة أوي عليكي… خسارة تكوني أم.”

سقطت الكلمات كالصاعقة، زلزلت الأرض تحت أقدامهم. شهقت آية بذهول، فيما تخلت يد إبراهيم المرتجفة عن يد روجيدا فجأة، وكأن النار مسته….

التفتت إليه بعينين مذهوله ، وهمسة بصوت مرتعش:
ـ What happened, Ibrahim? What are they saying؟ … ماذا حدث يا إبراهيم؟ ماذا يقولون؟!”

نظر إبراهيم إليها، وعيناه جامدتان كحجر تتخلله الحسرة…وعاد يلتفت نحو عمار وكارمن ، وصوته مبحوح متكسر : يعني إيه يا عمار؟! يعني روجيدا أختي يعني ؟! ولا إيه؟ … طيب… إنتي أمي إزاي؟ طب وانت يا عمار؟”

تعثرت أنفاسه، وصدره يعلو ويهبط بجنون، وكأنه في سباق خفي مع الألم… اهتز صوته وصرخ بقهر: يعني إيه؟! عديتي علي السنين دي كلها… عشان يوم ما ترجعي تكسري قلبي زي ما كسرتي نفسنا زمان؟! وإحنا بنشوف كل اللي حوالينا أمهاتهم بيخافوا عليهم… وإحنا معندناش أم؟!”

ارتجفت عيناها وهمسة دفاعًا عن نفسها: مكنش عندي اختيارات… أنا كنت بين نارين! وأبوكم مكنش بيساعدني.”

صاح عمار، وقد اشتعل الغضب في صوته: إوعي تجيبي سيرة أبويا! فاهمة؟! مش هسمحلك تتكلمي عن الراجل اللي فنا عمره في تربيتنا… اللي حرم نفسه من كل حاجة، عشان في الوقت اللي انتي كنتي عايشة حياتك واتجوزتي وخلفتي!”

ارتدت روجيدا للخلف مذهولة، يختلط الذهول بالخوف في عينيها، بينما ارتجف إبراهيم بعنف، يحاول الإمساك بملامحها، يحاول أن يقرأ الحقيقة فيها.

وفي خضم العاصفة، ارتجف صوت كارمن، كأنها تحاول أن تردم هاوية اتسعت فجأة: مقدرش أقول كلمة وحشة عن عثمان… أنا عارفة أبوكم أحسن راجل بالنسبة ليكم. بس بالنسبة لي… مكنش عارف يحتويني… ولا قدر إني سبت الدنيا وبلدي وأهلي عشانه…

أنا مقدرتش أتكيف هنا… وهو محاولش! كان يسيبني بالشهور لوحدي. آه، كنت عارفة إنه بيبني مستقبل… بس هو كان بيهد الحاضر.”

انتقلت نظراتها إلى آية، والحنق يلمع في عينيها وهتفت:
وعمك… ومرات عمك… كانوا بيستغلوا غياب أبوكم…. كانوا يضايقوني بكلامهم… يشككوني فيه…. ويقولولي مفيش راجل بيحب مراته يقعد بعيد عنها بالشهور… والأسبوع من غير مكالمة تليفون! قالولي أكيد في حياته واحدة تانية… وأنا كنت صغيرة… واتأثرت بكلامهم وبغيابه المستمر.”

انزلقت دموع آية بصمت موجع، وارتجفت عيناها وهى تحدق في عمار بقهر، ثم التفتت لتتحرك مبتعدة. مد عمار يده بخوف عارم، وقبض على كفها بقوة وغمغم : رايحة فين؟”

استدارت إليه، والدموع تسيل غزيرة على وجنتيها، وهمسة بصوت متحشرج بالوجع: كفاية يا عمار… مش عايزة أوجعك أكتر من كده.”

هز رأسه بعناد، وجذبها إليه بقوة، وصدره يهتز بالبكاء المكبوت:إنتي توجعيني؟! إنتي عمري كله يا آية… إنتي حبيبتي… وعمري ما أقدر أستغنى عنك!”

ابتسمت آية ابتسامة مرتجفة وسط دموعها، فضمها عمار إلى صدره، وشدد عليها كما لو كان يخشى أن تختفي.

لكن صوت كارمن انفجر من خلفهم، مشحونًا بالحنق:
بعد كل اللي حكتهولك يا عمار؟!”

انتزع عمار نفسه منها والتفت إليها، عيناه تقدحان شررًا، وهدر غاضبا:كل اللي حكتيه ولا هيقدم ولا هيأخر!

أنا مش هسيب حبيبة عمري عشان أي حد… خصوصًا لو واحدة زيك! خسارة فيكي كلمة أم… إنتي عمرك ما كنتي أم… ولا هتكوني أم لحد فينا!”

صمت الجميع فجأة، إذ اخترق اللحظة صوت ضي الخافت الباكي، وهي تقف على عتبة الباب، بجوار سلطان وعلي: أم مين يا عمار؟!”

انحبس النفس في الصدور، وتجمد الزمن في تلك اللحظة… كانت ضي ترتجف، ويد سلطان ممسكة بذراعها بقوة،

كأنه يحاول منعها من الانهيار… أغمض عمار عينيه بقهر، وانفلت صوته متحشرجا من بين شفتيه: المدام كارمن… أمنا… في شهادة الميلاد يا جماعة.”

شهقت ضي بعنف، وكادت تسقط من طولها، فالتقطها سلطان بسرعة، واحتواها بذراعه، وحاوط خصرها وضمها إلى صدره… وهمس بصوت حنون يخالطه الغضب:
ضي…

رفعت عينيها المرتجفتين إليه، ودموعها متحجرة، وشفتاها ترتعشان وهمسة : بيقولوا إيه يا سلطان؟… أنا مش فاهمة حاجة!”

ضمها بقوة أكبر، وكأنه يريد أن يحجب عنها قسوة الكلمات، ثم التفت إلى كارمن بنظرات نارية، وهمس في أذن ضي بحنو مضطرب: اهدي يا عمري… اهدي عشان متتعبيش.”

وأخيرا… تحرك علي…. تقدم بخطوات مثقلة بالدموع التي تساقطت رغما عنه،

ووقف أمام كارمن كأنه يحاكمها وهتف : إيه اللي جابك؟ رجعتي ليه؟… إحنا كنا نسيناكي! جايه تقلبي المواجع ليه؟… بتقلبي في النار ليه؟!”

انزلقت دموعها هي الأخرى بحزن، وغمغمت بصوت منكسر:كان غصب عني… مهانش عليا أنزعكم من بلدكم وأزرعكم في أرض غريبة….كنت عايزاكم تتربوا في بلدكم…. أنا جربت الغربة… وماقدرتش أتحملها.”

لكن صرخة علي شقت السكون، بغضب مكتوم يتفجر:
غرررربة؟! وإنتي في حضن عيالك وجوزك… دي كانت غربة بالنسبالك؟! يعني لما سبتينا أطفال… مايعرفوش عدوهم من حبيبهم… حسيتي بالأمان والاستقرار؟!”

هزت رأسها نافيه، وحاولت الدفاع بصوت مرتجف:
علي… أنا…”

قاطعها بضحكة مرة، ساخرة ممزوجة بالدموع: يمكن أنا مش علي… إنتي عارفانا من بعض؟! طيب… تعرفي إيه عننا؟ بنحب إيه؟ بنكره إيه؟ زي أي أم؟!”

انكمش صوتها في صمت موجوع. واقترب علي أكثر، وصوته مكسور كأنه يذوب داخله: أنا… أمي ماتت.”

أغمضت عينيها بقهر، تحاول كبح شهقاتها، لكن علي فجر اللحظة بانفجار صوته، وهدر كالرعد:ماااااتت! سامعاني؟!… أمي ماتت!”

وغادر بخطوات عاصفة، تاركا خلفه شظايا من الغضب والخذلان، وجدران الشقة تكاد تختنق من ثقل الحقيقة.

اقتربت كارمن بخطوات مرتجفة، ودموعها تتساقط بغزارة…
زومدت يدها المرتعشة لتلمس منكب ضي، تبحث في لمستها عن غفران مفقود..

لكن ضي انكمشت إلى الداخل أحضان سلطان أكثر، التصقت بصدره كطفلة مذعورة، وغمرتها شهقة مخنوقة وهمسة بصوت يقطعه الألم: متقوليش حاجة… متلمسنيش! أنا مش قادرة أتحمل لمستك… ولا عايزة أشوفك.”

انكسر صوت كارمن وغمغمت باكية، وكأن الكلمات تخرج من جرح مفتوح:ضي… انتي اللي المفروض تحسي بيا يا بنتي… كان غصب عني، والله كان غصب عني!”

رفعت ضي عينيها إليها، وعيناها مشتعلة كالجمر، محبوسة فيها دموع متحجرة رفضت أن تنساب، وصاحت بصوت يمزق الصمت: غصب عنك؟! هو إيه بالظبط الغصب عنك؟! أنا عندي تسعتاشر سنة… عشتهم كلهم وأنا هموت على حضنك….

إنتي متخيلة؟! متخيلة كام مرة كنت محتاجة أمي جمبي؟! كام مرة حصلي حاجات ماكنتش فاهمة إزاي أواجهها… وكنت محتاجة حد يعلمني… يطمني… وأنا طول عمري تايهة لوحدي!… وجاية دلوقتي تقوليلي غصب عني؟!”

ارتجف جسدها كله وهي تتمسك بسلطان بقوة، كأنها تبحث فيه عن جدار أمان، ثم صاحت بانكسار غاضب:
وأنا كمان… غصب عني مش هقبلك في حياتي! ملكيش مكان في حياتي… انتي فاهمة؟!”

انفجرت بالبكاء، ودفنت وجهها في صدر سلطان، تصرخ بحرقة: خدني من هنا يا سلطان… مش عايزة أشوف حد!”

لم يتردد سلطان لحظة… ضمها بذراعيه بقوة، كأنما يحتجز روحها الممزقة بين ضلوعه،

ثم رفعها عن الأرض بخفه…. لفت ضي ذراعيها المرتعشتين حول عنقه، ودفنت وجهها في عنقه،

والدموع تبلل منكبه. تحرك بها إلى الخارج بخطوات ثابتة، بينما العالم من حولها ينهار، ولم يبق لها من الأمان سوى حضنه.

تشبثت روجيدا بذراع إبراهيم بعينين مرتجفتين، وهتفت بصوت مختنق بالذهول:
“What’s happening Ibrahim? Why is everyone so sad?”
ـ ماذا يحدث يا إبراهيم؟ لماذا الجميع حزين بهذا الشكل؟

تجمدت ملامح إبراهيم، وانحدرت دموعه الثقيلة على وجنتيه، وهمس بصوت مبحوح مقهور:
ـ “Rojda… your mother is my mother. You are our sister…
روجيدا والدتك هي والدتي انتي اخت لنا من ناحية الأم.”

شهقت روجيدا شهقة عنيفة، وضعت يدها على صدرها كأنها تتحسس جرحا قديما انفتح فجأة، وغمغمت بارتعاش:
ـ “Oh my God… nothing is impossible!
يا إلهي… لا مستحيل!”

ترنحت خطواتها، ثم هوت إلى الأرض فاقدة الوعي، فصرخ إبراهيم كمن ينزف روحه : رووووجيداااا!”

اندفع الجميع نحوها بجنون، وصاح عمار بارتباك:
آيه… كلمي الدكتور بسرعة!”

ركضت آيه نحو الهاتف، فيما تمسكت بها كارمن بذعر، وهتفت باسم ابنتها بصوت مرتجف: روجيدااا!”

حملها إبراهيم بذراعين مرتعشتين، وانطلق بها إلى أول غرفة في الممر، يتبعه كارمن وعمار،

وضعها برفق على السرير…. وجلس إلى جوارها،
مسح على وجنتيها المرتجفتين بحنان موجوع، وهمس بصوت مخنوق: روجيدا… فوقي عشان خاطري… روجيدا… يا حبـيــ…”

لكن الكلمة الأخيرة انكسرت في حلقه… وتجمدت يده فجأة على وجنتها ، ثم سحب يده بعيدًا كمن أُحرقته النار ، ونهض مرتبكا حتى ارتطم ظهره بعمار.

تمسك به عمار بقوة، ونظر في عينيه المليئتين بالدموع والخذلان، وهتف إبراهيم بحشرجة محطمة: عمار…”

احتضنه عمار بقوة، وربت على ظهره فوق قلبه الممزق، وهمس برجاء حاني: حقك عليا… يا قلب أخوك.”

تشبث به إبراهيم أكثر، يكاد يخترقه بأنفاسه الموجوعة، وهمس بانكسار: قلبي وجعني اوي يا عمار… وجعني.”

انزلقت دموع عمار رغماً عنه، والتفت نحو والدته بعيون تفيض حنق، وهتف بصوت يقطر مرارة: سلامة قلبك يا حبيبي… سلامة قلبك.”

في تلك اللحظة، اندفعت آيه إلى الداخل بصحبة الطبيب، وصاحت بلهفة: الدكتور يا عمار…!”

اقترب الطبيب بخطوات مسرعة، وعيناه تتفحصان الجسد المسجى على الفراش: ألف سلامة… مالها؟”

أجاب عمار بسرعة، بينما إبراهيم وكارمن متجمدان إلى جواره: أغمي عليها… ومش بتفوق… ولسه خارجة من المستشفى بعد حادثة.”

أومأ الطبيب بثبات، وصوته هادئ كمن يحاول تهدئة العاصفة: طيب… اهدي. إن شاء الله خير.”

تحرك نحوها ليفحصها، بينما سحب عمار ذراع إبراهيم الذي بقي متجمدا في مكانه كتمثال، عاجزًا عن الحراك. دفعه برفق إلى الخارج، ثم أغلق الباب خلفه ليترك الطبيب يعمل في صمت.

ارتطم قبض إبراهيم بالجدار بعنف أوجع الحجر نفسه، وانفجر صوته هادرا، يتشقق من شدة الألم: أنا مش قادر أصدق يا عمار… دي تبقى أختي؟! أختي إزاي؟!”

اقترب منه عمار، وربت على منكبه المرتجف، صوته يقطر توترًا:وإبراهيم… انت كنت معاها من فتره… أوع تكون…”

رفع إبراهيم رأسه بعينين دامعتين، يتخبط فيهما القهر والذنب، وهز رأسه نافيًا بمرارة : لا يا عمار… والله ما حصلش حاجه. الحمد لله… كنت بحافظ عليها… عشان ربنا يبارك لينا.”

انفرجت أنفاس عمار المشتعلة كمن نجا من هاوية، أغمض عينيه بقهرٍ دفين، ثم جذب شقيقه إلى صدره بقوة، وهمس بصوت مرتعش:ربنا يعوضك بالأحسن يا حبيبي… بالأحسن.”

في تلك اللحظة، انفتح باب الغرفة، وخرج الطبيب بنظرة جادة وصوت حازم:عندها صدمة عصبية. أنا اديتها حقنة… هتفضل نايمة لحد بكرة الصبح، وإن شاء الله تصحى أعصابها أهدى. أهم حاجه دلوقتي… مفيش زعل ولا توتر. وتمشي على العلاج ده.”

أومأ عمار بسرعة، تناول الروشتة من يده، وسار معه بضع خطوات إلى الخارج ليستوضح التعليمات.

أما إبراهيم، فقد بقي متسمّرًا، يلهث أنفاسه كمن خرج من معركة، عيناه تشتعلان نحو والدته. حملق فيها طويلاً، ثم زفر بحقدٍ يكاد يحرق الهواء، واستدار يخطو سريعًا نحو الخارج، كأن الأرض تتشقق تحت قدميه مع كل خطوة.

…….
في شقة سلطان،

كان الليل ساكنا إلا من نحيب خافت. جلس سلطان على الأريكة، وقد ضمّ ضي بين ساقيه، منكمشة إلى صدره كطفلة تبحث عن ملاذها الأخير. دموعها تنحدر بصمت، وعقلها يسبح في ظلمات الذكريات؛

كل لحظة مرت عليها بلا أم، كل مرة ذرفت دموعها وهي تتمنى أن تجد حضنًا يحتويها، ولم تجد.

مد سلطان يده، ومسح على شعرها بحنو، ثم طبع قبلة رقيقة على رأسها، وهمس بصوت دافئ: ضي عيني…”

رفعت عينيها إليه، والدموع تسيل بلا وعي على وجنتيها. نظر لها بنظرة تفيض بالحنان، ومد إصبعه ومسح دموعها كأنه يحاول انتزاع الألم من عروقها، وهمس:كفاية بقى… عشان خاطري… دموعك دي سكاكين بتقطع في قلبي يا حبيبي.”

هزت رأسها بالنفي، وهمسة بدموع تنهمر بغزارة:
مش قادرة أصدق يا سلطان… انت متخيل أنا كام مره عيطت لوحدي وانا نفسي في حضنها؟ دلوقتي لما شوفتها… حسيت إن حضنها شوك… اتبخر أي إحساس كنت شايلـه ليها طول عمري.”

قبض سلطان على يدها برفق، رفعها إلى شفتيه وقبلها بحنو، ثم قال بصوت مبحوح: يا عمري… الصدمة جاتلك من غير تمهيد …. حتى أنا عارف إنها غلطانة… بس يمكن لو حطينا نفسنا مكانها… نشوف الحكاية بشكل تاني.”

حدقت فيه بدهشة، وقالت بصوت مخنوق: شكل إيه يا سلطان؟ أنا جوايا ألف وجع… وجع أول يوم رحت المدرسة، وكنت خايفة ومتلخبطة… وأنا شايفة كل العيال حوالي مامتها بتطمنها… وأنا؟ لا. أنا لا. يا سلطان… هو أنا مكنتش أستاهل أكون زيهم؟”

هز سلطان رأسه بقهر وهمس: لا يا ضي… إنتي تستاهلي كل الحلو اللي في الدنيا… والله.”

انزلقت دموعها أكثر، وغمرها الخجل وهي تبوح: ولما وصلت إعدادي… وأول مرة جتلي البيريود… مكنتش فاهمة، وكنت خايفة أوي…. كان وقتها صيف… بس أنا كنت حاسه إني بردانة.”

سكتت لحظة، وصدرها يعلو ويهبط بشهقات متقطعة، قبل أن تتابع بصوت مكسور: معرفتش أعمل إيه… ولا أروح لمين. كنت مرعوبة. روحت لعمار…”

مسحت دموعها بظهر يدها المرتجفة واكملت : وعمار… معرفش يتصرف… ولا يهديني. خدني لي آيه… وساعتها حسيت إحساس عمري ما هنساه… كنت حاسة إني عريانة قدامهم.”

لم يتمالك سلطان نفسه، فضمها إلى صدره بقوة، كأنه يريد أن يخفيها من العالم كله، وهمس بصوت يتقطع من الألم : حقك عليا يا قلبي… حقك علي أنا.”

تمسكت به، وصوت نحيبها يفتك بروحه، يقطع قلبه ببطء، ويتركه أسير وجعها الذي لا يعرف له دواء.

…..
ابتعد إبراهيم بسيارتة، يقود كأن الطريق بلا نهاية، حتى توقف وركن في مكان معزولًا عن الزحام،

مكان لا يراه فيه أحد… أطفأ المحرك، فحل الصمت ثقيلًا كقبر….

أسند جبينه إلى عجلة القيادة، وارتعشت أنفاسه كمن يلهث في صحراء.

انفجرت صورها في ذاكرته واحدة تلو الأخرى…
وجها المضيء وهي تضحك تحت الأضواء في تلك الرقصة الأولى، كأن العالم اختزل في دورانها حوله…

صرختها الخافتة وهي تنزف بين ذراعيه، وضغط بجسده كله ليوقف نزيفها، يتوسل إلى الله ألا يفقدها…

نظراتها المرتبكة حين فتحت عينيها على سرير المستشفى بين الحياة والموت…

وتلك اللحظة الأولى في السباق، حين أبصرها وسط الضوضاء، فشعر أن قلبه التقط إيقاعًا لم يعرفه من قبل.

أغمض عينيه بقهر، وانفجرت دموعه كسيل عارم. ..

رفع رأسه فجأة، وضرب المقود بيده حتى ارتجت السيارة، وانطلق صوته مبحوحًا، مكسور كطفل يبكي بصوت عال: ليه يا روجيدا؟! ليه يا رب… تعمل فيا كده؟! أنا… أنا مش قادر… مش قادر أستوعب إنها أختي… أنا كنت شايفها عمري اللي جاي… أملي اللي مستنيني!”

تساقطت دموعه بحرارة، واهتز كتفيه بنحيب مكتوم تحول إلى بكاء صاخب…

ارتجف جسده كله، كأن كل عضلة تتمرد عليه، وصار صوته يتردد داخل السيارة الضيقة: أنا بحبها… بحبها يا رب! ازاي تبقى أختي؟! ازاي؟! هو في وجع أكبر من كده؟”

دفن وجهه بين يديه، وصوته يعلو كالطفل الضائع: أنا ضايع… ضايع… مش قادر أشيل الوجع ده لوحدي… يا روجيدا… إنتي قتلتيني من غير ما تقصدي.”

ظل يبكي طويلًا، بكاء هز السيارة كلها، حتى كأن الطريق المهجور ارتجف معه، ولم يبق غير صدى نحيبه الموجوع، يتردد في الفراغ من حوله.

……………
على الكورنيش،

جلس علي فوق أحد المقاعد الخشبية، والليل ينساب فوق صفحة النيل كوشاح أسود. دموعه كانت تنحدر رغماً عنه، يطعن بها صمته المكابر، بينما صور الماضي تتوالى أمام عينيه بلا رحمة.

ركضت نوسة نحوه، قلبها يخفق بجنون منذ أن سمعت صوته المتحشرج بالغصة على الهاتف…

توقفت أمامه تلتقط أنفاسها، ثم صاحت بلهفة مذعورة:
علــــــــــــي!”

رفع علي رأسه، وعيناه مشتعلة بالدموع. لم تحتمل نوسة المشهد، فاندفعت نحوه، وما إن وصلته حتى ضمها بذراعيه، يضغطها إلى صدره بعنف،

كأنما يخشى أن تتبخر في الهواء. لحظات ثقيلة مرت عليهم، نسوا فيها الزمان والمكان، كل ما في الوجود أن كلا منهما وجد الآخر أخيراً.

فاقت نوسة من سحر اللحظة، ونظرت حولها بذعر وهمسة وهي تدفعه قليلًا: علي… احنا في الشارع! يخرب بيتك، فضحتنا.”

نظر علي حوله، ثم هز رأسه بحزن ثقيل، وقال بصوت مبحوح: تعالي يا نوسة.”

جلس على المقعد من جديد، وجلست بجانبه، وهي تحدق فيه بقلق ينهش قلبها: مالك يا علي؟ صوتك معجبنيش في التليفون… وشكلك وجع قلبي. في إيه يا حبيبي؟”

ابتلع غصته، وأطرق برأسه قبل أن يغمغم بصوت مثقل:
أمي… رجعت.”

قطبت نوسة حاجبيها بدهشة وردت: هي… أمك عايشة؟”

أومأ برأسه في صمت بارد. اتسعت عيناها وقالت باندهاش: طيب… انت زعلان ليه؟ مش المفروض تفرح؟”

ضحك علي ضحكة قصيرة، خالية من أي مرح، والدموع تلمع في عينيه كشرر محتجز، وقال بمرارة: أفرح؟! على أساس إيه؟ دي واحدة سابتنا وإحنا عيال… ضي كان عندها تلات شهور، إبراهيم خمس سنين، أنا تمانية، وعمار عشر سنين…وغابت عشرين سنة … ما فكرتش ليلة واحدة تقول يا ترى عيالي عاملين إيه؟ موحشنهاش ابدا ؟ ما قلقتش علينا ابدا ؟ إزاي كانت بتنام مرتاحة يا نوسة؟”

شد على شفتيه بغيظ مكبوت، وأردف: ومش بس كده… دي كمان اتجوزت وخلفت. يعني نسيتنا تمامًا. وتقوليلي أفرح؟!”

مدت نوسة يدها، وربتت على منكبه بحنان غارق في الحزن، وهمسة: يااه… كل ده ف قلبك؟ دانت معبي يا حبيبي… شايل هم سنين لوحدك إزاي؟”

ابتلع مرارته من جديد وقال: متعودتش أتكلم… أنا مكنش ليا أصحاب.”

زفر بمرارة، ثم أكمل بصوت مهتز: وانا في أولى جامعة؟ صاحبت واحد وأصر يعزمنا على الفطار في رمضان. عشان ميزعلش، روحت…

بيته كان بسيط… بس كان دافي. مليان حب. أمه كانت واخدة بالها من كل تفصيلة صغيرة…

مين بيأكل ومين لأ… كل واحد من ولادها كانت عاملاله الأكلة اللي بيحبها….

وقتها بس… حسيت يعني إيه كلمة أم… يعني إيه بيت دافئ. صعبت عليا نفسي أوي… روحت وحلفت إني ماصاحبش حد تاني ولا أدخل بيت حد تاني أبداً.”

وقف فجأة، وتقدم نحو سور الكوبري، يمسك به بكلتا يديه وكأنه يخنق الأرض بما تحمله من ثقل فوق صدره.

وقفت نوسة خلفه، ومسحت دموعها بيد مرتعشة، ثم همسة: أنا آسفة يا علي…”

التفت إليها بدهشة: آسفة؟ على إيه؟”

انزلقت دموعها أكثر، وهمسة بقهر مبحوح: عشان ماحستش بوجعك. إزاي بحبك… وماشفتش قلبك قد إيه موجوع… وقد إيه شايل هم؟”

أومأ علي برأسه، وصوته ينضح بالمرارة: عشان الوجع ده كله… كنت نسيته من يوم ما شوفتك وحبيتك. بس برجوعها… رجعتي الوجع تاني. ياريتها ما رجعت.”

اقتربت نوسة منه، وضعت كفها فوق صدره المرتجف، وهمسة بنبرة حانية: لا يا علي… متخليش الوجع يشدك لحتة مش بتاعتك. دي أمك يا علي… حتى لو غلطت، برضه أمك. كلنا بشر… وكلنا بنغلط.”

رفع حاجبه بدهشة حادة، وصوته يختنق بالغضب:
يعني إنتي ممكن تسيبي عيالك يوم من الأيام؟ عشان مش مرتاحة؟ هتسيبيهم وتختاري راحتك؟!”

هزت رأسها بالنفي، وغمغمت بصوت مرتجف: دلوقتي هقولك لا، مستحيل. بس ده لأني واقفة بره الموقف… بتفرج عليه من بعيد. لكن… معرفش موقفي هيكون إزاي لو اتحطيت في نفس النار.”

نظر إليها بدهشة ممتزجة بالغضب، ثم أدار ظهره نحو الماء، يهرب من عينيها إلى الموج. مدت يدها تربت على كتفه، وهمسة بصوت خافت يتسلل إلى جروحه:
حبيبي… أنا مش بقولك كده عشان أزعلّك. أنا عايزاك تبص للموضوع من ناحية تانية… يمكن تلاقي حاجة تخليك تسامح… أو حتى ترتاح.”

ظل واقفا متخبطا، يتأرجح بين جدار الغضب وصوتها الحنون. تابعت نوسة بصوت مثقل بالذكريات:
أمي الله يرحمها… كانت دائما تقول اللي إيده في الميه مش زي اللي إيده في النار. واحنا عمرنا ما هنقدر نحكم وأيادينا في الميه… على اللي أياديهم اتحرقت بالنار.”

أغمض علي عينيه بحزن مطبق، ثم التفت فجأة إليها، وجذبها من يدها، وسحبها إلى صدره بعناق دامع…
همس، وصوته يختنق بالوجع والامتنان: أنا معرفش عملت إيه في الدنيا حلو… بس كنت دايمًا أدعي ربنا يرزقني حسنة الدنيا… وإنتي يا نوسة… إنتي الحسنة دي يا حبيبتي.”

ربتت نوسة على منكبه، ودموعها تبلل كتفه:ربنا يخليك ليا يا روحي.”

قبل يدها بحرارة وغمغم: ويخليكي ليا يا بلسم حياتي.”

ابتسمت وسط دموعها، وهمسة بخفة مشاكسة: طيب يلا نروح قبل ما نتقفش بفعل فاضح في الكورنيش.”

ارتسمت على شفتيه ابتسامة متعبة، لكنه لأول مرة منذ بداية الليل تشبه ابتسامة الحياة: يلا يا روحي.”

أمسك بيدها، وسارا معًا على الكورنيش، كأنهما استعادا القدرة على مواجهة الدنيا كلها… بحبٍ أقوى من كل شيء.

…..
في شقه راجح العتال

كان الصباح ينساب هادئًا حين فتحت تقى عينيها على مشهد لم تتوقعه؛

راجح يقف أمام الحقائب، يجمع فيها ما يلزم للسفر بعناية وصبر…

عقدت حاجبيها بدهشة، اعتدلت جالسة على الفراش، وخرج صوتها متثاقلاً من بين الشفاه: في إيه؟”

التفت إليها سريعًا، وفي عينيه بريق حنان عميق، واقترب منها بخطوات حثيثة.
ومد يده وسحبها من على الفراش بحنو واضح، ثم ابتسم ابتسامة تخفي وراءها قلقا دفين وقال: صباح الورد يا وردتي… قومي بسرعه، عندي ليكي مفاجأة هتجننك.”

زفرت بضيق، وأشاحت بوجهها كأنها لا تملك القدرة على استقبال أي فرح، وغمغمت بمرارة: راجح… رايح نفسك، مفيش حاجه هتفرحني.”

رفع حاجبه بثبات، ثم مد يده إلى ثوب الإحرام الأبيض، وأمسكه كمن يقدم لها كنزا، وقال بصوت مشبع بالحنو:
حتى لو قلتلك… إننا رايحين مكة المكرمة… عند النبي؟”

شهقت شهقة حادة، كأن الهواء قد انتزع فجأة من صدرها، واتسعت عيناها في ذهول…

لم تتمالك نفسها، فانزلقت دموعها الحارة على وجنتيها، ومدت يديها المرتجفتين لتتشبث بثوب الإحرام… وتمتمت بصوت مبحوح: مـ… مكة؟! عند النبي؟”

أومأ برأسه بصمت، وقد اختنق صوته من شدة الانفعال، بينما كانت عيناه تترقرقان رغما عنه.

رفعت عينيها إليه بارتباك، كأنها لم تفهم المعنى في البداية، ثم هزت رأسها ببطء… همسة بصوت متهدج:
مكة والمدينة ؟! … هو أنا… ينفع أدخل بيت ربنا؟”

شد على يدها أكثر، واقترب حتى كاد يسمع أنفاسها وهي تتقطع من الحزن. . قال بحزم يحمل حنان خفيا: انتي أحق واحده تدخل بيت ربنا يا قلبي… هو في أحن من ربنا يا تقى؟!

إنتي فاكرة إنك لوحدك؟ لا… أنا جنبك، وربنا فوقينا، واللي اتاخد منك غصب مش ذنبك. بالعكس، ده باب مفتوح عشان ترجعي تلملمي روحك اللي اتكسرت.”

انفجرت في بكاء مكتوم، ودفنت وجهها بين كفيها. ارتجف كتفاها، فضمها برفق شديد، كما لو كان يخشى أن يؤلمها أكثر. غمرها بذراعيه وهمس في أذنها: اسمعيني… هناك عند الكعبة، وإنتي واقفة قدام ربنا، كل حاجة هتتغسل، كل خوف، كل وجع، كل ذكرى سودة. وأنا… هكون واقف وراكي، سندك.”

تراجعت وبدأت تدور في الغرفة كمن أصابها مس من الدهشة، وهي تضم ملابس الإحرام إلى صدرها كأنها تضم حلما بعيدا عاد فجأة، قبلت الملابس بحرارة وهمسة بين شهقات البكاء: يعني… هلمس الكعبة؟… وأقف قدام قبر النبي؟… وأشتكيله اللي حصلي؟

اقترب منها راجح أكثر، وصوته يرتجف باليقين: أيوه يا تقى… هناك هتفضفضي بدموعك، وهتلاقي قلبك بيتغسل قدام ربنا. وهتحسي إنك اتولدت من جديد.”

هوت بجسدها إلى صدره، تبكي بكاء مرا، لكنه هذه المرة مشبع بالرجاء… شدها إلى حضنه بقوة رقيقة، وهمس في أذنها: ما تخافيش… ربنا كبير… وإنتي هترجعي من هناك غير تقى اللي رايحة دلوقتي… هترجعي نور… وهتبقي أقوى من أي حاجة.”

رفعت وجهها الغارق بالدموع، وارتعشت شفتاها وهمسة:
أنا… خايفة يا راجح.”

قبل جبينها طويلًا، ثم رد بصوت عميق مطمئن: الخوف ده هيسيبك أول ما تبصي للكعبة. وأوعدك… مش هسيب إيدك لحظة، لحد ما نرجع سوا.”

ظلت ممسكة بثوب الإحرام كمن يتمسك بطوق نجاة، بينما هو يعيد ترتيب الحقائب بعزيمة لم تخل من ارتعاش قلب ممتلئ بالرجاء.

كانت تلك اللحظة بداية

لا يشبه أي سفر؛ سفر لا تحمل فيه الأمتعة وحدها، بل تحمل فيه الأرواح المثقلة بالوجع إلى رحاب الله، علها تشفى وتعود أنقى.

…..

صباح جديد على أروقة جامعة القاهرة،
حيث يغص المكان بالطلاب والوجوه المتسارعة.

دخلت حياة من أحد الأبواب، تتلفت حولها بارتباك ودهشة، وغمغمت ساخرة: يلهوي! أنا دوخت… هو اللي صمم الجامعة دي كان راجل فاضي أوي كده؟”

وفي لحظة خاطفة، ارتطمت بجسد يحمل كوب قهوة، فاندلق محتواه على فستانها….

صرخت من شدة لسع السائل الحار، بينما جحظت عينا عادل وهتف بفزع: يا خبر إسود! أنا آسف جدًا والله… بس إنتي اللي ماشيه بضهرك. آسف أوي!”

رفعت حياتها إليها بعينين تشتعلان حنقا، ودموعها تسيل رغما عنها. أشار عادل بيديه مرتبكا وهو يتلعثم:
لالالا… متعيطيش. أنا والله ما أقصد.”

من الجهة الأخرى،
تقدم سامر وهو منشغل بهاتفه، ليتوقف فجأة حين لمح صديقه يتحدث مع فتاة…
اقترب باندفاع، ولكزه بعنف وهتف : مش برن عليك؟ أنا طبعا تنفضلي، وأنا مزه عشان ترد عليا؟!”

رمقته حياة بدهشة، فيما غمغم عادل محرجا: اشششش… يا فضيحة انت!! امشي دلوقتي.”

لكن سامر التفت إلى حياة، واتسعت عيناه بذهول وهتف : عصفور!”

شهقت حياة، وانزلقت دموعها بغضب وهتفت: انت تاني؟! اصل هي كانت ناقصه!”

نظر عادل بينهما مذهولًا وقال :إنتو تعرفوا بعض؟!”

أومأ سامر دون أن يزيح بصره عنها، ثم لمح بقعة القهوة على فستانها، وهتف بانفعال: إيه ده؟! إيه اللي حصل؟ مين عمل فيكي كده؟!”

أطرقت حياة رأسها، ودموعها تهتز على وجنتيها، ثم تمتمت: مفيش حاجة… خلاص.”

مسح عادل ع شعره بغيظ من نفسه، وغمغم معتذرًا:
أنا بس… والله ما أخدت بالي… أنا آسف….
تعالي يا آنسة، أنا هجبلك فستان جديد. ميصحش تمشي كده في الشارع… عربيتي مركونة بره.”

لكن سامر تشبث بذراعها، وهز رأسه بعناد: لا، أنا هتصرف. روح إنت يا عادل.”

سحبت حياة ذراعها بعنف، وهتفت بصوت متوتر:
ولا إنت ولا هو! أنا مش عايزة حاجة… شكرا أوي كده.”

اندفعت بخطوات سريعة لتبتعد، لكنهما تبادلا نظرات قصيرة بينهم ثم لحقا بها…

قبض سامر على ذراعها من جديد، وصوته يرتجف بالرجاء: استني بس… هنروح أقرب مكان تغيري الفستان وخلاص.”

انتزعت ذراعها بغضب، وصاحت: إنت مجنون؟! عايزني أطلع من البيت بفستان… وأرجع بفستان تاني؟! دي كانت بطه تقطع رقبتي!”

ارتسمت على شفتي عادل ابتسامة ساخرة، وسأل ببلاهة:
بطه مين؟”

أجابته حياة بعفوية، دون وعي: ماما.”

قهقه عادل وهتف: بطه مخلفة عصفور… إزاي يعني؟!”

لكزه سامر بحدة، وغمغم محذرا: هوريك إزاي… بس اصبر على رزقك.”

نظر سامر إلى جانبه، فرأى حياة تنصرف بخطوات سريعة… اندفع خلفها، ونزع سترته بحزم وهتف: طيب استني! خدي الجاكت ده. البسيه… مش هينفع تمشي كده!”

توقفت حياة ونظرت له بدهشة وهتفت : إنت مصر يكون آخر يوم في عمري النهارده ليه؟ أنا عملتلك حاجة؟ إنت عارف لو سلطان ولا عز شافوا الجاكت ده عليا… هيعملوا فيا ولا فيك إيه؟”

ابتسم عادل بدهشة وقال : سلطان وعز مين؟”

ردت حياة ببساطة: إخواتي.”

قهقه عادل، وهتف: الله! عاشت الأسامي… طب وإنتي اسمك إيه؟”

أشارت إلى سيارة الأجرة التي توقفت لتأخذها وردت بسرعه : حياة.”

توقفت السياره وفتح عادل الباب بحذر، وهتف:
وإنتي حياة… والمصحف! إنتي طالبة في الجامعة هنا؟”

أومأت برأسها بخجل وقالت : آه… لسه سنة أولى السنة دي لما تبدأ بقا .”

ضحك عادل وهتف بمرح: يعني هشوفك كتير… دي هتبقى سنة مليانة صوصو!”

ضحكت حياة بخجل، وصعدت إلى السيارة، لكن سامر لكزها بعنف من الخلف وهتف: يا عم غور صوصو بعيد!”

فتح باب السيارة وصعد بجانبها، وهتف: اطلع يا أسطي!”

تحركت السيارة، وعادل ينظر لهم بدهشة وصرخت حياة بدهشة: إيه يا عم ده… انت رايح فين؟”

أشار لها بيده وغمغم بغيظ: ما هي دي الطريقة الوحيدة اللي أتكلم معاكي من غير الحيوان ده.”

كتمت ضحكتها، وقالت بدهشة: وانت عايز تتكلم معايا ليه؟”

رفع حاجبه بحدة، وغمغم: عايزين نشوف حل للاحتباس الحراري… إيه رأيك؟”

حدقت فيه بدهشة، وغمغمت: نعم؟ إنت بتقول إيه؟ إنت أهبل!”

أومأ برأسه موافقا وقال : أنا اللي أهبل برضو … إمال إنتي إيه يا بنتي؟ أنا معجب بيكي وعايز أعرفك أكتر… أنا عمري ما شوفت التركيبة دي قبل كده بجد.”

رفعت حياة حاجبها بدهشة وقالت : تركيبة إيه؟ أنا مش فاهمه حاجة.”

ابتسم سامر بعبث، وقال: كدابة! إنتي فاهمة كل حاجة وحاسة إني معجب بيكي.”

ابتسمت حياة بدهشة، ونكست رأسها بخجل. مد يده برقة، ورفع وجهها، ونظر لها بدهشة وهمس: كله كوم… وإنتي مكسوفة… وخدوك حمراء كده كوم لوحده… بجد جميلة أوي.”

لكزته بخفة وهمسة: بس بقا…”

سحب هاتفها من يدها فجأة، فشهقت حياة وهتفت:
بتعمل إيه؟!”

رفع الهاتف أمام وجهها، وهتف: بصي… بصي!”

نظرت إلى الهاتف، وفتحه ببصمه عينيها وبدأ يسجل رقمه، ثم اتصل على نفسه وقال : كده رقمك عندي!”

أعطى لها الهاتف وهي تراقبه بدهشة، وهتف مبتسمًا:
علي جنب يا أسطا!”

توقفت السيارة، وترجل سامر منها، وهمس بحركة عبثية وهو يغمز لها: خلي بالك من نفسك… باي!”

انطلقت السيارة، وحياة لا تزال تحدق في أثره بدهشة، وهمسة لنفسها: إيه الواد ده… قمر ومش طري ولا حاجة!”

……..

في احد محلات الهواري،
دخل عز مسرعا، وصرخ بحماس: ياسر! أنا خلصت ومروح!”

قطب ياسر حاجبه، وألقى نظرة على ساعته التي أظهرت الرابعة عصرًا، ثم هتف ساخرًا : خد يالا! انت بتلعب بديلك اليوم دول؟”

ضحك عز واقترب منه وهمس بعبث: آه… بلعب.”

رفع ياسر حاجبه بدهشة، وغمغم:وكمان معترف!”

ابتسم عز، وتمتم ساخرًا: لما العب بالحلال… اعترف عادي.”

نهض ياسر بحدة، وقال:يخربيت أبوك! اتجوز علي البت!”

ضحك عز بصخب، وهتف: يا شقو… مراتي.. عليا… انت معتوه!”

زفر ياسر بمرارة، وهمس: وقعت قلبي يا شيخ… طيب رايح فين بقى؟”

غمزه عز بعبث وقال : مكان قالي عليه واحد صاحبي… هاخد عليا كده… اروق عليها… طالع ميتين أبوها ..
مع البنات من وقت ما المدرسة قربت والدروس بدأت.”

رفع ياسر حاجبه مستفسرًا: بقلك إيه؟ هو المكان ده في بيات؟”

هز عز رأسه بالنفي ورد : لا يا شقو… سهرة حلوة ونتعشى وبس.”

ابتسم ياسر وعبث، وهمس: طيب… ما أجيب جنات وأجي معاك؟ خليها تطريها بدل ما منشفي ريقي ليها فترة.”

نظر عز له بدهشة وقال : الله… هو إيه اللي حصل؟”

رفع ياسر منكبيه بارتباك وغمغم : والله ما اعرف… بس كأنها اتبدلت… لا مش اتبدلت… هي جنات بس عنيها هتجنني… كأنها اتجددت… أو كأنها هي ومش هي.”

قطب عز حاجبه، وجث على جبين ياسر، وقال بدهشة:
لا إله إلا الله… مالك يا ياسر… انت سخن!”

سحب ياسر يده بنزق، وهتف بغضب مختلط بالارتباك:
يا عم اسكت! أختك اللي سخنة وباردة في نفس الوقت… بص… هي فيها حاجة متغيرة… بس إيه هي… مش قادر أعرف… ومش قادر أقول… نكدية ولا مقصرة… لا… بتضحك وبتملأ البيت بروحها الحلوة… وتعمل كل حاجة… بس مش ليا… ومش عشاني… بس مش قادر أقول إنها مهملة فيا… وهو اسمها إيه ده يا عز… أنا هتجنن!”

رفع عز حاجبه بذهول وقال : لا… انت اتجننت؟ مش لسه هتتجن؟ إيه اللي بتقوله ده… انت فاهم نفسك؟”

زفر ياسر بضيق وغمغم: وأنا لو فاهم حاجة… كنت ارتحت… أنا وصلت لحد… أنا أعمل الحاجة… واستنى رد فعلها… اللي ممكن يطلع بارد… بس عيونها مشعللة… أو العكس… تضحك وعيونها باردة…معايا ومش معايا… أنا هموت وأعرف إيه ده!”

ضحك عز بصخب وقال : دانت… تموت أسهل يا عم! أنا ماشي.”

نهض ياسر وقال: استنى… أنا هاجي معاك.”

ضحك عز وقال : انتو عايزين دكتور ولا مصحة؟”

ضحك ياسر وخرج خلفه، وقال: لا… مش أوي كده… أنا عجباني برضو… حاسس نفسي باكتشفها من أول وجديد.”

ابتسم عز، وهتف: طيب يلا… وأنا هتصل أحجز أربع بدل اتنين!”

اوما ياسر وتحرك الي المنزل دخل المنزل بخطوات واسعة، وصعد الدرج بسرعة وكأنه لا يستطيع الانتظار، وفتح الباب وهتف بصوت حنون: جنات… حبيبي!”

خرجت جنات من المطبخ، ورفعت حاجبها بدهشة وقالت: حبيبي؟”

اقترب منها بسرعة وضمها بحضنه، وهمس في أذنها:
بتعملي إيه كده؟”

اغمضت عينيها مستمتعة وهمسة بخفة: بحضر العشاء.”

ابتسم ياسر بعبث، وأردف وهو يضغط على ظهرها بحنان: لا… إحنا هنتعشى بره… ابعتي البنات عند حياه والبسي.”

قطبت جنات حاجبيها بدهشة: إحنا هنتعشى بره إزاي؟”

ابتسم ياسر، واقترب منها وقبلها قبله عميقة على شفتيها، وهمس: كده.”

نظرت له بتردد، وقالت : بس… انت مش بتحب أكل بره.”

تأملها لوهلة، وابتسم بحنان: بس انتي بتحبيه… صح؟”

رفعت منكبها بدلال، وهمسة: أه… أوي.”

اقترب منها وهمس: طيب… وانا بتحبيني؟”

أومات جنات برأسها وقالت بهدوء: أكيد.”

تحركت بعيدًا قليلاً، فتشبث بها ياسر بيده وقال: لا… استني… قولي… بحبك إيه… أكيد دي.”

ابتسمت بحب، وهمسة بصوت خافت دافئ: بحبك يا ياسر أوي.”

تنهد ياسر بحرارة، وضمها بحضنه وهمس: وأنا بعشقك موت.”

ضحكت جنات بغنج، وانسلت من بين يديه وهمسة:
البنات… عيب يا يسو.”

رفع حاجبه، وابتلع لعابه بصعوبة وهمس بلهفة:
ـ “انتي صعبة علي سهلة اوي ليه كده.. أووف!”

كانت لحظة مليئة بالحنان واللعب بينهما، دفء وجرأة مختلطة، وكأن الوقت توقف لحظة واحدة ليحتضن كل مشاعر الحب والاشتياق بينهما.

…….
في شقه عمار البدري
انفتح الباب على وجه مرهق لكن مرحب.
وقفت ضي أمامه، نظراتها متوترة وكتفيها مثقلان بالخذلان، ابتسم عمار وهمس: تعالي يا قلبي”،

هزت رأسها نافية بصوت مبحوح، كأن الكلمات تجرح حلقها : لا… هي لسه هنا.”

أومأ برفق، كأنه لا يريد أن يثقل عليها أكثر: ايوه، لسه… روجيدا تعبانة وملهاش حد هنا، تقعدوا عنده.”

تزلزلت ملامح ضي، وانحدرت دموعها على استحياء، همسة وكأنها تعترف بجرح قديم : روجيدا… بنتها.”

اقتربت كارمن بخطى محسوبة، وصوتها يحمل حنوا حزين : روجيدا اختك بردو يا ضي.”

شدت ضي أنفاسها بعصيان، وردت بحدة يقطر منها الوجع : أنا إخواتي عمار وعلي وإبراهيم بس… مليش إخوات تاني.”

حاولت أن تتحرك، لكن يد أمها أمسكت بها تقيدها للحظة، كأنها تحاول استرجاع ما لم يكن يوما لها: ليه يا بنتي؟ دي روجيدا طيبة وهتحبكم… هي كمان ملهاش حد.”

انتفضت ضي بعنف، وصرخت بجرح يابس: قلتلك مليش إخوات… ولا حتى أم… أنا عشت لوحدي… وهكمل لوحدي.”

لم تستسلم كارمن، قبضت على يدها من جديد، عيناها ترتعشان: طيب خلاص… على الأقل طمنيني عليكي… انتي مبسوطة في المكان ده؟ وجوزك—”

لكن ضي قطعتها بحدة كالسيف، رفعت كفها كمن يوقف سيل وهدرت : لا… مش من حقك…. أوعي تجيبي سيرة سلطان، فاهمة؟ هو جوه، ولو سمع كلمة زعلته… أنا مش هسكت.”

زفرت كارمن بضيق، ثم قالت بالإنجليزية ببرود:
“Okay, let’s speak English. I have to make sure you’re okay. I feel that Sultan doesn’t look like you and doesn’t suit you. You’re in one place and he’s in another.”
حسناً، نتحدث بالإنجليزية. يجب أن أطمئن عليكي. أشعر أن سلطان لا يشبهك ولا يليق بك… أنتي من عالم وهو في عالم آخر.

تجمدت ضي للحظة، ثم جذبت ذراعها بعنف، وغرزت كلماتها الخافتة كالرصاص:
“Listen to me well, Sultan is the best for me, he is the love of my life, and keep your opinion to yourself because it doesn’t matter to me at all.”
اسمعيني جيدًا… سلطان هو الأفضل بالنسبة لي… هو حب عمري… ورأيك احتفظي به لنفسك… لأنه لا يهمني أبدًا.

في تلك اللحظة، انفتح الباب، وخرج سلطان بخطواته الواثقة، عيناه تلمعان بحنق، وصوته زلزل الممر.

وووووووووووو

ـ ساحره القلم ساره احمد 🖋️

3.9 1024 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
1.1K تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
جودي
جودي
3 أيام

❤️❤️❤️❤️❤️

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  جودي

♥️♥️

جودي
جودي
3 أيام

🌹🌹🌹🌹

جودي
جودي
3 أيام

💗💗💗

سوما
سوما
2 أيام

قمر قمر يا سو بارت جامد

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  سوما

تسلمى ي قلبى

Roro 2000
Roro 2000
1 يوم
Reply to  MANOSH

ممكن اسال سؤال معلش، جروب المتفاعلين اللي بتتكلمو عنه بيشمل متفاعلين الفيس وبس طب والواتباد والمدونة والقناة مش من ضمن التفاعل

Heba Elazab
Heba Elazab
2 أيام
Reply to  سوما

بجد جميلة جدا

Samar
Samar
2 أيام

❤️❤️❤️❤️

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Samar

😊💗

war
war
2 أيام

❤❤❤❤❤

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  war

♥️♥️♥️♥️♥️♥️

Eriny
Eriny
2 أيام

تسلم ايدك يا قلبي البارت نار جدا جدا جدا تسلم انا مش عارفه اقول ايه تسلم ايدك يعني كلمه قليله عليك بجد يسلم قلمك المبدع الرائع ده بجد يعني يتحط في المتحف مش عارفه مش عارفه اقول ايه تحفه فنيه انا قلت بقى اعبر النهارده عشان ما عرفتش امبارح يعنى البارت في كميه نصائح يعني بجد انا عيطت والله لما سمعت لما اتفرجت عليه امبارح وقريته قلبي يوجعني قوي بجد يعني مش عارفه اقول ايه غير تسلم ايدك تسلم ايدك بجد بجد بجد ♥️♥️♥️👏🏻👏🏻👏🏻👏🏻🖋️🖋️🖋️🖋️

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Eriny

تسلمى ي ايرو ويسلم ذوقك ♥️

Sahar
Sahar
2 أيام

جميلة

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Sahar

تسلمى يقمر

نور الشمس
نور الشمس
2 أيام

روععععة تسلم ايدك 🌹🌹🌹🌹

MANOSH
MANOSH
2 أيام

تسلمى يحبيبتى

Nour
Nour
2 أيام

بارت حلو اوووووووي
بس مضايقة عشان ابراهيم قلبه واجعه😥

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Nour

صعبان عليا اوى

Sahar
Sahar
2 أيام

🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰

رشا
رشا
2 أيام

روعه

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  رشا

تسلمى ي قلبى

نور الشمس
نور الشمس
2 أيام

❤️❤️❤️❤️

MANOSH
MANOSH
2 أيام

💗💗💗

رشا
رشا
2 أيام

تسلم ايديك

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  رشا

تسلمى ي قلبى

نور الشمس
نور الشمس
2 أيام

💕💕💕💕

MANOSH
MANOSH
2 أيام

💗💗💗💗

نور الشمس
نور الشمس
2 أيام

😘😘😘😘😘

MANOSH
MANOSH
2 أيام

💗💗💗💗

Bosee
Bosee
2 أيام

🫶🏻🔥❤️❤️❤️❤️❤️❤️

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Bosee

💗💗💗💗💗

Sahar
Sahar
2 أيام

🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰

Shery Mina
Shery Mina
2 أيام

اولا الخط في المدونة أصبح رائع جدا العين مرتاحة وهي بتقرأ البارت

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Shery Mina

كلو علشان عيونكوا ي قمرات

Nedaa
Nedaa
2 أيام

برجع احكي تاني زي امبارح البارت تحفة قلبي صغير لا يتحمل👏🏻👏🏻
بس ابراهيم وجع قلبي كتير💔☹️

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Nedaa

تسلمى ي حبيبتى ♥️

ward ward
ward ward
2 أيام

❤❤🥰

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  ward ward

♥️♥️♥️

Sahar
Sahar
2 أيام

😍😍😍😍😍😍😍

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Sahar

♥️♥️

Soaad Maher
Soaad Maher
2 أيام

تسلم ايدك يا حبيبتي
💓

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Soaad Maher

تسلمى ي قلبى

دودو
دودو
2 أيام

تسلم ايدك

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  دودو

تسلمى ي قلبى

Shery Mina
Shery Mina
2 أيام

انا طبعا قرأت البارت امبارح لكن متعة لما اقرأه تاني

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Shery Mina

حبيبتى

Salma Abdelnasser
Salma Abdelnasser
2 أيام

البارت تحفة تسلم ايدك دايما موقفة

MANOSH
MANOSH
2 أيام

تسلمى ي سكره

Salma Abdelnasser
Salma Abdelnasser
2 أيام

دمتى مبدعة

MANOSH
MANOSH
2 أيام

شكرا لذوقك ♥️

جودي ممدوح
جودي ممدوح
2 أيام

❤️ روعه روعه روعه روعه

MANOSH
MANOSH
2 أيام

تسلمى يحبيبتى

MANOSH
MANOSH
2 أيام

تسلمى ي قلبى

sabah
sabah
2 أيام

رووووعه

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  sabah

تسلمى يحبيبتى

جودي ممدوح
جودي ممدوح
2 أيام

😘😘😘 ياجماله تسلم ايدك يا قلبي

MANOSH
MANOSH
2 أيام

تسلمى ي قلبى

sabah
sabah
2 أيام

خطيييييير

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  sabah

انتى إلى خطيره

جودي ممدوح
جودي ممدوح
2 أيام

😘 ابداع

MANOSH
MANOSH
2 أيام

حبيبتى

Salma Mohamed
Salma Mohamed
2 أيام

تسلم ايدك مبدعه كالعاده ❤️

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Salma Mohamed

شكرا لذوقك

Salma Abdelnasser
Salma Abdelnasser
2 أيام

❤️❤️❤️❤️❤️

Salma Mohamed
Salma Mohamed
2 أيام

❤️❤️❤️❤️❤️❤️

Shery Mina
Shery Mina
2 أيام

روعة ياقلبي كله مشاعر جميلة لكن ابراهيم صعب عليا قوي وعندي احساس أن كارمن دي مخبية حاجة اصل صعب الحب اللي حبه دة كله يكون في الاخر يكون اخوات

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Shery Mina

هنشوف الأحداث ي قلبى

منوش
منوش
2 أيام

جنااااااان

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  منوش

حبيبتى

منوش
منوش
2 أيام

جنااااااان

ندي
ندي
2 أيام
Reply to  منوش

♥️♥️♥️

سارة
سارة
2 أيام

تحفه اووي بجد ❤️❤️❤️

ندي
ندي
2 أيام
Reply to  سارة

تسلمي يا قمر ♥️

Shery Mina
Shery Mina
2 أيام

فرحت جدا لتقى وعجبني جدا مسندة راجح لها

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Shery Mina

♥️♥️♥️♥️♥️

منوش
منوش
2 أيام

قراتو امبارح زماني أوال مره اقراو

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  منوش

🤭🤭🔥

سمسمه
سمسمه
2 أيام

❤❤❤❤❤❤❤❤❤

ندي
ندي
1 يوم
Reply to  سمسمه

♥️♥️♥️♥️

منوش
منوش
2 أيام

قراتو امبارح زماني أوال مره اقراو

سمسمه
سمسمه
2 أيام

رائع جدا

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  سمسمه

تسلمى ي قلبى

Nada
Nada
2 أيام

انا قولت وهقول تانى البارت تحفه بجد

ندي
ندي
2 أيام
Reply to  Nada

تسلمي يا قمر ♥️

May
May
2 أيام

اى الجمال دا

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  May

حبيبتى شكرا

Shery Mina
Shery Mina
2 أيام

جميل وقوف نوسة جانب علي في وقت صعب وكانت فعلا ونعم السند والعروض له

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  Shery Mina

تسلمى ي قلبى

May
May
2 أيام

تحفة بجد تسلم ايديك

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  May

تسلمى يحبيبتى

رونا
رونا
2 أيام

تحفة بجد ♥♥♥♥♥🥰

MANOSH
MANOSH
2 أيام
Reply to  رونا

حبيبتى شكرا

Noha Yasyr
Noha Yasyr
2 أيام
Reply to  رونا

تحفهههه اوي بجد 🥰🥰❤️‍🩹

رونا
رونا
2 أيام

♥♥♥♥♥♥♥